Take a fresh look at your lifestyle.

بسبب تداعيات فيروس كورونا المافيا الإيطالية تسيطر على الإقتصاد

154

“البؤس الذي أحدثه وباء كورونا المستجد بإيطاليا والإيطاليين تحول إلى نعمة بالنسبة لعصابات الجريمة المنظمة في البلاد”، هكذا كتب الصحفي والروائي الإيطالي روبرتو سافيانو الذي اشتهر بكتبه المهمة عن المافيا الإيطالية وتأثيرها على الواقع الاجتماعي وارتباطها بشبكات الفساد الحكومي، مثل كتاب (جومورّا) الذي ترجم إلى العربية وتحول إلى فيلم ومسلسل تلفزيوني ناجحين، والذي دفع ثمن كتاباته الجريئة، حين تم وضعه على قوائم الاغتيال، وعاش لسنين خارج إيطاليا متخفياً وهارباً من القتلة المأجورين، وحين عاد إليها بعد سنين من الغربة، أصبح يعيش تحت الحراسة المشددة التي حوّلت حياته إلى جحيم.

المافيا الإيطالية
المافيا الإيطالية

كتب روبرتو سافيانو في مقاله الذي نشرته صحيفة la Republica ونقلت منه مجلة (ذي ويك) الأمريكية مقتطفات جاء فيها: “لم تكن هناك حاجة ماسة من قبل لوجود التدفقات النقدية (الكاش) مثلما حدث في ظل انتشار الوباء، حيث أصبحت الكثير من العائلات والشركات والمحلات في المدن والقرى الإيطالية عاجزة عن تسديد التزاماتها المالية، وقبل أن تقوم الدولة بإجراءات تمد يد العون لمواطنيها العاجزين عن دفع إيجاراتهم أو مرتبات موظفيهم، انطلقت أسماك قرش القروض بأنيابها الضارية لتحاصر أصحاب المحلات والشركات الصغيرة والعاملين في القطاع الخاص، وتستغل حاجتهم الماسة إلى “الكاش”، حتى لو تورطوا في فوائد عالية، وحين يعجز هؤلاء عن السداد، يكون الثمن الذي يدفعونه: حرق منزل أو اغتصاب ابنة أو التصفية الجسدية”.

أشار روبرتو سافيانو في مقاله إلى قيام عصابات المافيا خلال الأشهر الأخيرة بشراء العديد من المؤسسات والمحلات المشرفة على الإفلاس، ليستخدموها في غسيل الأموال التي يجنونها من تجارة المخدرات والدعارة وغيرها من الأنشطة الإجرامية، وهو ما سيعزز في رأيه من سيطرة تلك التنظيمات الإجرامية على الاقتصاد الإيطالي، ويتيح لقياداتها تحقيق أحلامهم التي كانت تبدو مستحيلة قبل انتشار الوباء، حيث ينتظر أن تحقق عصابات Camorra المتمركزة في نابولي ـ مسقط رأس سافيانو ـ عوائد تتجاوز 41 بليون دولار أمريكي سنوياً، أما عصابات Ndrangheta المتمركزة في كالابري جنوب غرب إيطاليا فيمكن لعوائدها السنوية أن تتجاوز 71 بليون دولار أمريكي، وهو ما يمكن أن يستغربه بعض الذين يتعاملون مع المافيا طبقاً للصور الذهنية التي تظهر قياداتها وأعضائها بوصفهم مجرد لصوص وقتلة جاهلين معتمدين فقط على العنف، بينما هم في الحقيقة ينتمون إلى أكثر البنى المنظمة في الرأسمالية المعاصرة طبقاً لتعبير سافيانو.

يرسم سافيانو سيناريو شديد التشاؤم للطريقة التي ستمكن تكتلات المافيا من تعظيم أرباحها بعد انتهاء الوباء، ليس في إيطاليا وحدها بل وعبر أوروبا كلها، متسائلاً: “من غير المافيا سيقوم بمساعدة فنادق جنوب أسبانيا على العودة بعد أن تسبب الوباء في إغلاقها طيلة عام 2020؟ من سيكون لديه السيولة الكافية لشراء بارات لندن ومطاعم برلين التي يرغب أصحابها في تعويض خسائرهم الفادحة؟ وهل وجد المال القذر من قبل هذا الكم المهول من الأبواب الذي يمكن أن يعبر من خلاله هارباً من وسائل المراقبة التي ربما جعلتها الأزمة الاقتصادية الطاحنة مجبرة على غض النظر عنه لكي تعود الحياة إلى طبيعتها؟”.

Comments are closed.