Take a fresh look at your lifestyle.

الجندي المجهول في أمة الإسلام

273

(اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم)
“رسول الله (ص)”

النجاشي (أصحمة بن أبجر)

النجاشي
النجاشي الجندي المجهول في أمة الإسلام

أمة الإسلام أمة لا تموت أبدا ما بقيت الأرض ، أمة متطلة ، متحدة ، مترابطة بشكل يدعو إلى العجب في كثير من الأحيان ، لدرجة لا يمكن أن يفسرها المرء إلا بشيء واحد فقط : أنها أمة مختارة من الله الحكيم !

ملك من ملوك أفريقيا

ملك نصراني من ملوك أفريقيا يتبع الكنيسة الإسكندرية بالتحديد ، هذا الملك يسلم ويؤمن بنبي عربي لم يره في حياته البتة ، فيأتيه رجل عربي كافر من نفس مدينة ذلك النبي ليزوره ، وغرضه من تلك الزيارة هو محاربة ذلك النبي وأصحابه ، ليسلم ذلك الرجل ليس على يدي النبي الذي كان يراه ليل نهار في مدينته وإنما على يدي ذلك الملك الأفريقي الذي لم ير النبي أصلا !!! ثم يتحول هذا الرجل العربي إلى بطل من أبطال الإسلام ، فيقوم بعد ذلك بإدخال الإسلام إلى مدينة الإسكندرية التي كان يتبع کنیستها ذلك الملك نفسه قبل أن يسلم !!! أما ذلك النبي فهو محمد ، وأما ذلك الرجل العربي فهو عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه ، وأما ذلك الملك الأفريقي المسلم فهو أصحمة بن أبجر نجاشي الحبشة جزاه فتأمل معي الله كل خير .

وإذا كنت قد استغربت من هذا الترتيب الإلهي العجيب فتأمل معي ترتيبا آخر أعجب منه بكثير ، والذي يستشعر المرء من خلاله يد الله التي هيأت الظروف لنبيه المصطفى حتى قبل ولادته ، فهناك بعيدا عن مكة وصحراء العرب ، في أدغال مملكة الحبشة ( أثيوبيا وأريتريا وشمال الصومال حاليا ) وفي إحدى الليالي المظلمة ، قتل بعض المتآمرين ( أبجر ) نجاشي الحبشة ( النجاشي لقب يطلق على كل ملك يحكم الحبشة ! ) ، ثم جعل أولئك المتآمرون ملگا آخر على الحبشة ، وباعوا ابن الملك المقتول لأحد تجار الرقيق .

وفي ليلة من الليالي الممطرة خرج الملك الجديد خارج قصره ، وبشكل عجیب غریب ، نزلت صاعقة من السماء وهو بين جنوده فأصابته من دونهم ، فوقع قتيلا في التو واللحظة ، فسادت الفوضى بلاد الحبشة ، فعلموا أنها لعنة حلت عليهم من الله ، فبحثوا عن ابن الملك الأول ليعيدوه للحكم ، فعرفوا أنه في متن سفينة مبحرة إلى بلاد العرب حيث سيباع هناك عبدا ، فأدركوا السفينة قبل رحيلها ، ليجدوا ابن الملك قبل أن يبحر إلى بلاد العرب لكي يباع هناك عبدا ، فقاموا بتحريره ومن ثم اجلسوه على عرش أبيه الذي اغتصبوه من قبل ، هذا الغلام كان يسمى ( أصحمة بن أبجر ) وهو نفس الملك الذي اشتهر لدى المسلمين باسم النجاشي !

وربما يكون هذا الظلم الذي وقع للنجاشي في طفولته هو سبب مقته للظلم ، لذلك اشتهر النجاشي بعدله بين الناس ، الأمر الذي دعا رسول الله لكي يأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد إيذاء المشركين لهم ، عندها بعثت قریش ( عمرو ابن العاص ) الذي كان صديقا قديما للنجاشي لكي يستردهم ، ولكن المفاجأة حدثت عندما قذف الله الإيمان في قلب النجاشي ، ليخفي النجاشي إسلامه عن قومه ، ليس خوفا على الكرسي ، إنما خوفا من أن يفتك النصاری باللاجئين المسلمين الذين كانوا يمثلون تقریبا نصف عدد المسلمين على وجه الكرة الأرضية ، فقد بعثهم الرسول ة خصيصا للحبشة وأبقاهم بها 15 سنة لكي يحملوا رسالة الإسلام للبشر في حالة إذا ما قتل المشركون رسول الله وصحابته الكرام ، فيكون هناك من يحمل راية الإسلام في الأرض إذا ما أصابهم مكروه .

الجندي المجهول

هذا التخطيط الإستراتيجي طويل المدى لرسول الله ﷺ ادرکه تمام الإدراك النجاشي أصحمة ، فكان من الضروري على النجاشي أن يكتم إسلامه حرصا على استمرارية الدعوة ، فلقد رأى النجاشي من بطارقة النصارى حقهم بهذا الدين الذي يدعو إلى وحدانية الله وترك عبادة المسيح ، فخشي أن يثوروا عليه ويعزلوه ( كما فعلوا مع أبيه من قبل ! ) ، فيضيع بذلك حليف قوي لرسول الله كان بإمكانه دعم الدولة الإسلامية الناشئة ، بل في أسوأ الأحوال ، يمكن له استضافة رسول الله ؟ إذا ما اقتضت الحاجة ، في حالة انهيار دولة المدينة .

هذه الأسباب دعت لإطلاق لقب ( الجندي المجهول في أمة الإسلام ) على النجاشي ( أصحمة ابن أبجر ) ، الملك الأفريقي الذي لا يعرف أغلبنا أصلا أنه مسلم ، ليبقى النجاشي مرابطا في الحبشة بعيدا عن رسول الله (ص) .

وبعد سنوات من النصرة السرية للمسلمين مات النجاشي رحمه الله قبل أن يكحل عينيه برؤية الرجل الذي آمن به وصدقه من دون أن يراه ، ليعلم رسول الله بخبر موته وهو في المدينة قبل أن يجمع الصحابة ليصلي عليه صلاة الغائب ، لتنتهي بذلك قصة أول ملك من ملوك الأرض يؤمن برسالة محمد ، قصة أول ناصر لهذا الدين من ملوك الأرض !

المفارقة العجيبة في قصة هذا العظيم الإسلامي ، أن النجاشي رحمه الله كان التابعي الوحيد الذي أسلم على يديه أحد الصحابة وهو عمرو بن العاص !

فلماذا لم يكن أصحمة بن أبجر رحمه الله صحابيا ؟ ومن هم الصحابة ؟ ولماذا خرج علينا في السنوات الأخيرة رجال لا هم لهم في الحياة إلا الطعن بالصحابة في الغداة والعشي ؟ وما هو سر ا الحملة الشرسة على أصحاب محمدﷺ ؟ ومن هو المستفيد الأول من تلطيخ سمعة الصحابة وتشويه صورتهم في أذهان عامة المسلمين ؟ ولماذا كان الصحابة بالإجماع أفضل البشر بعد الأنبياء ؟

Comments are closed.